يقول محقق الموقع العلامة الأستاذ سيدي محمد الراضي كنون الإدريسي الحسني:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الفاتح الخاتم الناصر الهادي
سألني بعضهم عن علماء الطريقة من هم وما هي علاماتهم، فأجبته بأن علماء الطريقة لا يختلفون عن غيرهم من العلماء من الناحية الشرعية قرآنا وفقها وحديثا، وتفسيرا ولغة وسيرة، ونحوا وإعرابا، وما إلى ذلك من العلوم والفنون الشرعية الكثيرة الأخرى.
ثم بعد ذلك يتميز علماء الطريقة بإلمامهم الواسع بشروط الطريقة وقواعدها وأصولها، وما يحتاجه المريد فيها وما لا يحتاجه، وأيضا بفقه الطريقة، أي ما يتعلق بأورادها من واجبات ومندوبات ومستحبات ومكروهات وممنوعات، بالإضافة لمعرفتهم التامة بسيرة سيدنا الشيخ رضي الله تعالى عنه، من طفولته إلى حين وفاته، وما رافق مسار حياته من أحداث ومواقف، ومن تتلمذ عليهم والتقى بهم من الرجال في بدايته، وكيف حصل له الفتح الكبير، والتقى بجده المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما.
أضف إلى هذا وذاك إلمام عالم الطريق بما جمع فيها من مؤلفات وتحقيقات، وما لها من مراجع ومصادر، إلى غير ذلك من الوثائق والمستندات، سواء منها المخطوطة والمطبوعة، مع تتبع أخبار رجالات الطريق الأعلام السابقين له، وما لهم هم الآخرون من تقاييد ورسائل ودواوين وغيرها.
وبالإضافة إلى هذا يكون عالم الطريق متشبعا بالسنة النبوية، يمشي على هدى النصين من الكتاب والسنة، وبهما يرعى من تحت يديه من التلامذة والمريدين، يرعاهم بأقواله وأفعاله وتحركاته، ويسدي لهم النصائح في محلها ووقتها، ولكل مقام مقال، ويبر بهم، ويعطف عليهم كعطف الأب على أبنائه.
وما ذكرناه في هذه المقالة شيء قليل مما ينبغي أن يتوفر عليه عالم الطريقة، وإلا فالمطلوب أكثر، اعتبارا لكونه مطلوبا للأخذ بيد رعيته من مريدي الطريقة الملتفين حوله، وأنتم تعلمون أن فاقد الشيء لا يعطيه، ففاقد المال لا يطلب منه المال، وفاقد العلم لا يطلب منه العلم، وهكذا..
ومع هذا أيضا ينبغي أن يكون لديه إذن خاص ولو بوسائط من الحضرة الشريفة، لأنه كما تعلمون لا يمكن السياقة إلا برخصة، ومن ساق بدون رخصة خالف وعرض بالتالي نفسه للعقاب، نسأل الله السلامة والعافية.